عرائش اليوم أو عرائش الأمس ؟ صراع الواقع و الذاكرة !

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع gpldroid
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • مميز

gpldroid

طاقم الإدارة
E6AF47E8-2CEA-4DEE-915D-EE283A65493F-scaled.jpeg




العرائش نيوز:

يا حسرتاه على العرائش، هي العبارة المفضلة عند سكان هذه المدينة المحاصرة بين الأطلسي و سهول لوكوس، مدينة العرائش ضاربة في جذور تاريخ المغرب وإذا اعتبرناها امتدادا لمدينة ليكسوس فهي أقدم مدينة بتاريخ المغرب، ومن الأقدم على مستوى شمال افريقيا. لكن وضعها اليوم رغم كل ما تزخر به من مؤهلات وثروات يجعلها مدينة مهملة داخل جغرافيا المغرب الحديث.
هذا الاهمال أو الحكرة الذي طال المدينة لسنوات، كوَّن في الوعي الجمعي العرائشي رد فعل انطوائي يخاف من كل جديد، كما أن إدخال ساكنتها في نوع من تقديس النوستالجيا الشخصية وتشكيل تاريخ متوهم غير موجود في المدينة. فأصبح بذلك سكانها يئنون تحت وطأة بكائيات طللية غزلية بدون أي أساس تاريخي و لاواقعي.
عشرات التعليقات من أبناء العرائش تبكي على ماضيها بمأساوية أكبر من بكاء “أبي البقاء الرندي” للأندلس، فهل كانت عرائش الخمسينيات والستينيات والسبعينيات فيينا المغرب ؟
أغلب البكائيات تأتي من أبناء المدينة المهاجرين في الخارج، يُحملون هذا الجيل خطيئة الخيانة بتسليم المدينة للوحش الذي نهشها، وهنا علينا أن نطرح سؤالا: إذا كانت العرائش جنة في الأرض كما تصفون، لماذا هربتم منها جماعة كما لوْ حلّ بها الطاعون ؟؟ الجواب بسيط “ما كان ما يدار”.
إذا خرجت للتنزه مساء فستدخل في طواف عبثي “باسيو” ستسلم فيه على معارفك عشر مرات وكأنك تستمع لأسطوانة مجروحة، فهل هذه العرائش المدينة الأسطورة ؟
علينا وقبل البكاء على الأحجار أن نبكي على النسيج الاجتماعي الذي انفرط بشكل مخيف في نزيف هائل لساكنة المدينة منذ سبعينيات القرن الماضي. وبما أن الطبيعة تكره الفراغ فقد عوض هجرة أبناء المدينة هجرة مضادة حتى أصبح العرائشي عملة نادرة في العرائش.
وأمام الغربة التي يشعر بها ابناء المدينة داخل مدينتهم التي توسعت كما توسعت أغلب مدن المغرب ، يستجدون ماضي مطعم بكثير من المبالغات.
يا حسرتاه على العرائش، هو نداء شخص يائس يستجدي شبابه الضائع، فلعب الكرة في الأزقة الضيقة، و “قطع” البلايا سباحة و صيد السلطعون “كانغريخو” من أحجار عين شقة يجترها البعض كما لو كانت فتوحات بطولية، دون ادراك منهم ان كل هذا ليس إلا ذكريات طفولتك و شبابك تضخمه وتجعل منه تاريخا ثليد ،” ما تقيصشي حومتي ..ما تقصشي بيكالتي.. ما تقيصشي بالون ميكاصا ديالي ..، في كل تدوينة تشتم رائحة “جوطية” الماضي، فما ذنب الجيل الحالي لتفرض عليه أن الجمال كل الجمال في صور الأبيض و الأسود ؟ !
بل إن هذه الأجيال المسكونة بالماضي تعتبر إنجاز المدينة الرياضي اليوم بإمتلاكها فرق تلعب في البطولة الوطنية الأولى لكرة السلة والكرة الطائرة وكرة القدم النسائية، أقل بكثير من فرق الهواة في السبعينيات و.. ، وطبعا حتى لو لعب فريق شباب العرائش اليوم بالشامبيونز ليغ سيبكي هؤلاء على مجد كامبو البرامل وكامبو. غياسة.
العرائش مريضة بذاكرتها المثخنة و للأمانة هذا المرض لا يمس العرائش وحدها بل أغلب المدن العريقة في المغرب، وأضرب هنا مثلا بطنجة التي يشهد الجميع أنها أفضل بكثير مما كانت عليها ، إلا “طنجاوا الحورين” يحنون إلى طنجة محمد شكري بمواخيرها و شمكارتها و رائحة بوخرارو طبعا ..، فطنجة اليوم مليئة بالغزاة أو كما يسمونهم “العروبية”.
علينا ان ان نتخلص أولا من ماضي تضخم بكل مرضي وهذا الأمر لايتم إلا بقراءة التاريخ بموضوعية وسأستدل هنا بشهادة مسؤول اسباني زار العرائش في القرن 16، حيث يصف انطونيو دي سان مارتين العرائش في كتابه مدينة النعاس ب ( هي مدينة حزينة، ومظلمة، وتكاد تتحول إلى أطلال)
وفي مقطع آخر ( ليس من الغريب ان تشاهد في أزقة العرائش الملتوية التي لا يهتم أحد بتنظيفها، حميرا وكلابا نافقة ..وأكوان من التين الشوكي التي تتعفن في الهواء الطلق ) هذه الشهادة البسيطة أمام العديد من الشواهد في كتب التاريخ كفيلة بإيقاظنا من أحلام ألف ليلة وليلة التي نعيشها .
والغريب في الأمر أن الأجيال الجديدة أجيال التسعينيات و الألفية تجتر نفس الاسطورة “يا حسرتاه على العرائش، ولو امسكت أي واحد منه وارسلته الى الحقبة التي يتحسر عليها عرائش الخمسينات و السبعينات ، سينتحر بعد 24 ساعة من الملل والفراغ و الحمرية.
العرائش مدينة جميلة وتزخر بمؤهلات كبيرة لكنها سجينة تصورات مغلوطة حرروا العرائش من اوهامكم ، واتركوها لرؤيا جديدة ، لعل هذه الأجيال تنجح في بناء المدينة التي هربتم منها وتركتموها خرابا حولتموه إلى أحجار مقدسة.

م. ص

Continue reading...
 

Create an account or login to comment

You must be a member in order to leave a comment

Create account

Create an account on our community. It's easy!

Log in

Already have an account? Log in here.

آخر المشاركات

آخر المشاركات

إحصائيات المنتدى

المواضيع
5,540
المشاركات
5,571
الأعضاء
4,873
آخر عضو مسجل
freexen

آخر المشاركات

عودة
أعلى