كلام عن “كلام في السياسة “لتوفيق بوعشرين

العرائش نيوز:

بعد الحلقة الثالثة من برنامج بودكاست كلام في السياسية للصحفي توفيق بوعشرين، وهو البرنامج الذي أتابعه بإهتمام بالغ ، كون توفيق بوعشرين أحد الصحفيين والاعلاميين الكبار في العشرية الاخيرة بالمغرب. كما أن متابعتي له جزء من دعمي لهذا الصحفي الذي أعتبر ما تعرض له يأتي في اطار التضييق على حرية التعبير. والأكيد أن ظهور توفيق بوعشرين عبر المشهد الاعلامي مساهمة قيمة في الرفع من جودة المنتوج الاعلامي الذي وصل الى الدرك الاسفل، منذ محنة اعتقاله مع زميليه سليمان الريسوني وعمر الراضي، فغيابهم عن المشهد الاعلامي و الصحفي المغربي اعتبره احد اكبر نكسات الصحافة بالمغرب المعاصر.

إلا أنه و بالرغم من أستاذية توفيق بوعشرين وقيمته كصحفي متمكن، فبودكاست “كلام في السياسة” لا زال الى الآن في حلقته الثالثة لم يصل الى مستوى التوقعات – “توقعاتي انا على الاقل-” وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سقف توقعاتي العالي في شخص الأستاذ توفيق بوعشرين .

“كلام في السياسة” من حيث الشكل برنامج جميل ومنتوج راقي مقارنة بالقمامة التي تقذف في المشهد السمعي البصري الوطني، لكنه من حيث المضمون لازال غير كافي، إذ يعتمد الأستاذ توفيق بوعشرين على البلاغة والكلام المنمق و جمالية السرد، وكأني به بديع الزمان الهمداني في مقاماته، هذه المقامات ذات اللغة الباذخة و المضمون السطحي، وكما وصفت من قبل النقاد “سيف من خشب في غمد من ذهب” . فحري بالأستاذ توفيق بوعشرين وأحسبه قادر على هذا الأمر أن يخفف من اهتمامه بلغة البرنامج الشاعرية، على حساب تحاليل مشرحة لأن هذا ما يفتقده حقا المشهد الاعلامي المغربي .

هذا المشهد الاعلامي الذي أصبح ضحلا غارقا في الشعبوية، وهو اليوم أحوج ما يكون إلى الصحفي المثقف المفكر القادر على تفكيك الخبر و كشف ما بين سطوره بالإضافة الى مناقشة بنية السلطة الحقيقية و فضح التداخل بين مصالحها، بالأرقام والمعطيات الدقيقة، انتهاء الى استنتاجات نابعة عن خبرة قرابة 30 سنة في ميدان الصحافة، كل هذا لم أره الى اليوم في حلقات بوعشرين. فقد جاءت حلقاته في سرد جميل يمر مرور الكرام على أهم الاخبار، في الوقت الذي كان من الممكن أن يفرد الحلقة لحدث واحد من قبيل موضوع تضارب مصالح رئيس الحكومة وإعطائه حقه من التحليل، خصوصا وانه اشار الى نقاط مهمة من قبيل اعتباره ان رئيس الحكومة عزيز اخنوش اقوى رئيس حكومة في تاريخ المغرب، هذه الجملة وحدها ممكن ان يفرد لها حلقة لأكثر من ساعة يدلل فيها على طرحه وكانت ستكون أفيد وأعمق من الثلاث حلقات كاملة.

لكن أعود وأقول لا يمكنني ان أطلب من رجل “لم يقطع الواد وينشفوا رجليه ” بعد، كما يقول المثل المغربي أن يغوص في قعر الواد من جديد، الرجل دفع ثمنا باهضا ولا زال مقابل آرائه، وهو لازال يتلمس طريقه نحو الحرية في ظل حملات تشويه لا زالت تلاحقه، ولا يمكنني أن أطلب منه أكثر مما يطيق، إلا أنه رجاء شخص يتمنى تطوير المشهد الاعلامي الوطني، وفي أنتظار ذلك لا يسعني إلا أن أقول شكرا توفيق بوعشرين على كلامك في السياسية في بلد أصبح فيه هذا الكلام خطير جدا.

م.ص

Continue reading...